الأربعاء، 9 أغسطس 2017

استعجال النتائج موطن كل كارثة

التقيت بأخ يعمل في رئاسة الشؤون الدينية التركية .. ووالده مسؤول كبير فيها أيضا يقول أحد  الكتاب العرب ..
زوجته درست الشريعة بدمشق وحفظت القرآن فيها ومعها إجازة ..
ولذلك تجويدها متقن جدا ، وقد تعلم منها زوجها إتقان  مخارج الحروف والتجويد على خلاف الشائع والسائد في تركيا ..
فسألته:
- التقيت بإمام مسجد الحي وعرضت عليه تحفيظ القران للأطفال  ورواد المسجد .. فاعتذر الإمام  وقال (انتم  تقرأون  القرآن  بطريقة مختلفة عن قراءتنا) ..!!!

 فكيف يرفض الإمام أن أعلم القرآن بالطريقة الصحيحة؟ ألا يعلم أن قراءتنا أضبط؟
فأجاب:
- نعم .. كلنا نعلم أن قراءتكم أدق وأضبط وتجويدكم أفضل ..
- ولماذا لا تفرضون ذلك على الأئمة والحفاظ ؟ كيف يستقيم أن يصلي آلاف الائمة وهم يقرأون الفاتحة بمخارج غير سليمة إلى درجة غير مقبولة (ولا الظالين)
...!!!!
فأجاب:
- لو فرضنا ذلك اليوم فرضا .. لزحف الناس من طرابزون إلى أدرنة وطردونا استنكارا لتغيير طريقتهم بالتلاوة التي ورثوها عن ابائهم وأجدادهم ..
- إلى هذه الدرجة ؟
- نعم .. فالتغيير ليس بالأمر السهل.. نحتاج لأجيال لنغير ما نريد ..
سنضطر أن نربي الجيل الجديد منذ نشأته على الضبط الصحيح .. وهو سيقتنع به دون أن  يجروء  أن يطبقه .. وسيخرج من بعده جيل ثالث هو الذي يقرأ القرآن بشكل صحيح .. إن عملنا اليوم منصب على ذلك الجيل
...!!!!
________________أنتهت القصة  هنا  وهي ذات  درس يحتاجه  كل فرد يتطلع الى التغيير__
إن التغيير المطلوب في المجتمع بلحظة أو بيوم أو بسنة هو استعجال لا طائل منه المثال التركي  خير من يجسد هذه المدرسة في السياسية وغيرها .. دعونا  نتأمل  هذا المثال  الاسلامي الرائع. ..
أردوغان لو فعل بالأمس ما نراه اليوم يفعله .. لكانت تركيا اليوم بقبضة العسكر .. ولو يفعل اليوم ما يجب أن يؤجله للغد .. لرأينا تركيا بقبضة الانقلابيين وقد حققوا ما أرادوا ..
إن  التيار  الاسلامي  في مصر استعجلوا النتيجة .. والجماهير طالبتهم بالنتائج لا الأدوات .. ارادوهم عمر بن عبد العزيز في اليوم الأول ..  واستطاع الخصوم تحويلهم الى ابو جهل وابو لهب وحمالة الحطب ..
كم كانت  فرحتنا  حين اقام الرئيس مرسي مؤتمر نصرة سوريا .. ولو حذى  اردوغان  حذوه من العجلة  لكان حذوه  ايضا في السجن .. مع ذلك سررنا من مؤتمر مرسي وشتمناه حين لم يحقق النتائج .. وساءنا ما يفعله اردوغان .. رغم انه يحقق كل فترة ما لم نحققه غيره من القادة العرب

لو فعل ذلك من اليوم الاول لكانت النتيجة كارثية.
دعونا  نعمل  العقل   ونرك العاطفة  ولو  مرة  واحدة  ..
الى اليوم  ورغم  كل الدروس التي مرت بنا  لا نزال نطالب.. ثورتنا بإسقاط النظام باسرع وقت .. نريد زوال  من تسبب في خراب اليمن ومعه ممن نحفظ اسماءهم فقط ..
نريد من الرماديين أن يكونوا معنا ظاهرين معلنين واضحين بكل جرأة .. ولا يوجد بالأفق ما نقنع به انفسنا نحن ...
نريد من جيلنا الذي رباه العبث والجهل   أن يحقق ريادة جيل النصر ولا مقومات لديه ..
نريد من اعلام تديره منظومة عالمية واحدة ان يقول الحقيقة
نريد من دول الغرب ان تتعاطف معنا بصدق لم تعرف الطريق اليه بحياتها
نريد من منظمات حقوق الانسان ان تكون انسانية بحق ..
نريد من الجيش المقاومة أن يكون بلا أخطاء .. كالمدينة الفاضلة ..
ومن الثورة أن تكون فاضلة ملائكية غير واقعية.. وكل واقعنا يقول استحالة ذلك ..
نريد من واقعنا ان يكون غير واقعي
ومن المنطق أن يأتينا بنتائج غير منطقية
ومن ظروفنا أن تأتينا بنتائج مستحيلة
....
نريد من شعب متدين تدينا بشريا بسيطا ان يكون نبيا معصوما
ومن مؤسسات دينية بشرية ان تكون ملائكية
....
نريد النتائج ونحن لا نملك الادوات
ونستعجلها ونحن لا نعمل لها
ونطالب بها ممن لا يقدر عليها
ونحاسبه ونحن لا نقدر ان نكون أفضل منه ولا نظيره
....
إن حافظا للقرآن متقنا  له وهو  بموقع المسؤولية ، يدرك أن نشر هذا الاتقان (ببلد قطع في التدين شوطا طويلا ..) يتطلب جيلين من الزمان ..
لهو افقه ألف مرة ممن  يستعجلون النتائج  من القادة والدعاة   في كل التيارات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق